إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
52240 مشاهدة
الأنبياء جميعا ذوو نَسَب في أقوامهم

...............................................................................


فلما ذكر أنه ذو نسب قال له هرقل: كذلك الأنبياء تُبْعَثُ في أنساب قومها؛ يعني اختار الله تعالى من الأنبياء مَنْ يكون شريفًا في قومه، ومن يكون له مكانة ورفعة، ومنزلة رفيعة. فهكذا بعث الله تعالى نوحًا في وسط قومه، وكذلك هود وصالح وشعيب وإبراهيم ولوط ونحوهم، كل منهم كان من أشراف قومه، ومن أشهرهم، فكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم اختاره الله تعالى، وهو من أفضل قومه، ومن أشهرهم، ومن أشرفهم، ومن أصدقهم، كانوا يسمونه الأمين، فله مكانة، وله منزلة في قَوْمِهِ كسائر الأنبياء.
ولا شك أن هذه الميزة تُكْسِبُهُ فضلًا، وإن كان صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأن الشرف هو التقوى، وأن شرف الدنيا وشهرتها وسمعتها لا تُقَرِّبُ عند الله، وإنما الذي ينفع الإنسان عَمَلُهُ؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وكذلك كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن الافتخار بالآباء الذين ماتوا، ويقول: ألا ينتهين أقوام عن فخرهم بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فَحْمٌ من فَحْمِ جَهَنَّمَ ويقول: إن الفخر إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم من تراب وهكذا كانوا. إنما يفخر الإنسان بأفعاله، لا بأفعال آبائه وأسلافه فإنها لا تنفعه.
وبكل حال، فإن هذا مما يَخْتَارُه الله تعالى أنْ يُبْعَثَ النبي من أشراف قومه، حتى يكون له مكانة، ولا يستطيعوا أن يجحدوه، وأن يجحدوا فضله، وأن يزدروه ويحتقروه، ولهذا بعثه الله ولو كان فقيرًا كما في قول الله تعالى: وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى كان فقيرًا، وكان يتيمًا، ولكن مع ذلك اختاره الله تعالى وفَضَّلَهُ، وكذلك ذكر الله قول المشركين: لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ يقترحون أن يكون الذي أُنْزِلَ عليه القرآن من أشرف الناس، لا يكون هذا اليتيم وهذا الفقير، ولكنَّ الله تعالى يَمُنُّ على مَنْ يشاء من عباده، كما أخبر بذلك لما أن المشركين قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا يقولونه لرسلهم، فقال رسلهم: إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فهذا فضل الله، وهذه مِنَّتُهُ على العرب عندما بعث منهم هذا النبي.